بما يسترسلُ أحدُنا وهو يشرح عن القـِيَم والأخلاق وربما يتحوَّل أستاذاً في علم الفضيلة
قد نكون صادقين نظرياً فيما نطرح ولكن ليس لوقتٍ طويل
فرقٌ بين النظرية والتطبيق كالفرق بين الأسود والابيض والملوَّن
..
كم مرة نكذبُ في اليوم :
قد نتفاجأ إن أحصينا في المساء عدد كذباتِنا البيضاء والرمادية والسوداء وقد يكونُ من الأسهل علينا إحصاء مدى الشفافية والصدق التي نمارسُها في يومياتِنا ..
مابين صباح الخير وتصبحون على خير
مساحة كافية للكذب الابيض والاسود ..
نستطيعُ أن نكذبَ فيها 24 كذبة في 24 ساعة
وفي أيام الزنقة قد يتضاعف العدد ..
..
تبدأ كذباتنا البيضاء في علاقتِنا مع طفل ٍ صغير
مروراً بعلاقة الانثى والذكر
وانتهاءاً بالكذب على أنفسِنا وعلى الآخرين ..
حدَّثني صديقي المهاجر إلى اسبانيا منذ سنوات
بأنه طـُردَ من بيتٍ استأجَرَهُ عند وصولِهِ لأول مرَّة إلى مدريد
بسبب توَدُّدِهِ إلى الطفل إبن صاحب البيت
حيث مدَّ يدَهُ مُلاطِفاً وموهِماً الصغير
بأنه يحمل في يدهِ شيئاً حُلواً
وعندما اقترب منه الطفل فتح صديقي يدهُ الخاوية
وأخذ قـُبلة ً من وجنتيه الطريَّتين ..
الطفل المخدوع راحَ يبكي وصديقي الكاذب فرحٌ بإنجازهِ ..
كانت النتيجة : 24 ساعة فقط لاغير لإخلاء المنزل ..
..
إرتكابات كثيرة نرتكبها ولاندري أننا نتورَّط في خطأ
قد يتحوَّل مع الوقت إلى خطيئة
( بابا تلفون قلوا مو هون ) هو تجسيدٌ بسيط لخطأ
قد يأخذه الطفل على أنه القاعدة ويبني عليها مطمئِنـَّاً
إلى أنَّ الوالد القدوة لايتصرَّف إلا صح ..
وقِسْ عليها من أمثلة يومية تـُرهِقُ قـِيَمَنا وسلوكياتِنا وتعاملاتِنا
وتجعلـُنا نضيعُ البوصة والمجدافَ والشِراع ويأخذنا التيـَّار
..
العلاقة بين الرجل والمرأة :
هنا قد يبدأ مهرجان الكذبات الذكورية على أوتار ٍ أنثوية
والمسرح قد يكون الشارع أو النافذة أو الكافتريا أو التلفون أو أو
الفتى يَظهَرُ بمظهر المسؤول عن كل كلمة يقولها لفتاتِهِ
ويظهرُ بمظهر المناضل من أجل قضية تحرير المرأة
وهو مازال مُستعمَراً وتابعاً بحكم عمرهِ ودبساتِهِ المراق ..
وفتاتـُنا تبادلـُهُ رسمَ اللوحة الزاهية بريشةٍ تخالـُها حقيقية
فتـُظهـِرُ إعجاباً منقطعَ النظير بفروسيتِهِ
وبحصانِهِ الأبيض المربوط في الخارج
وتـُظهـِرُ له ألواناً من النعومة المُصنـَّعة في أرقى المصانع الانثوية
..
تتالى الأيام والكذبات لتصل إلى يوم ِالزفاف الميمون
قد تكون ساعة خير وقد تكون أكبر مطب يقعُ فيه الاثنان ..
يمضي شهر العسل ويذهبُ مع الريح وينقشعُ ضبابُ الأشياء
وتتبدَّدُ تلك الغمامات اللذيذة فوق جدار الواقع
وتظهَرُ في الأفق نـُذرُ سُحُبٍ سوداء تحجبُ ذلك الفارس مع فرسِهِ الابيض أو تسقِطـُهُ عنه في أحسن الأحوال
وتختفي ليلى خلفَ جدران الواقع وتنزوي في خيمتِها الاولى ..
تتحوَّلُ تلك الكذبات التي تعودُ إلى ماض ٍ جميل
تتحوَّلُ إلى ذكرى ومجرَّد صورة في ألبوم ٍ للصوَر القديمة
صورة ٌ فقدت ألوانـَها وطـَوَتها صفحات الواقع
..
أنا أكذب إذا أنا موجود :
للأسف تبدو سلوكياتنا مغلـَّفة أحياناً كثيرة بقناع ٍ جميل
لايكشفُ من وجهنا الحقيقي الأقلُّ جمالاً
فهل كذبك حلو فعلاً:
ربما نحتاجُ أحياناً لكذبة هنا أو هناك تنشأ عن ضَعفٍ عابر أو مزمن ولكن قطعاً هي لتغطية منطقة ضعيفة في نفوسِنا
لانجرؤ على الاعتراف بها لمعالجتها إن أمكن
وهنا تكمن نصف مشاكلِنا الاجتماعية والتربوية على الأقل ..
لأننا أدمَنـَّا أنصافَ الحلول التي تبعدُنا أكثر فأكثر عن الحلول
..
هذا هوالنصف الفارغ من كأسِنا
فهل سيمتلىء يوماً ..
ربما سنبقى نتغنـَّى بنصفِهِ المليء
ونقنعُ أنفسَنا بأنَّ الكأسَ جميل من الخارج
ولايتـَّسعُ لأكثر من ذلك ..