لظلم
[center]بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ... ويعد
قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن رب العزة سبحانه وتعالى انه
قال في الحديث القدسي:يا عبادي اني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم
محرماً فلا تظالموا
الباحث في كتب التاريخ في صفحاته المظلمة عن أسباب سقوط الدول الإسلامية يدرك بأنها بدأت بالفساد وظلم العباد،
عندما تخلو القلوب من مخافة الله فلا تنتظر العدل ..... حاول أن تكيّف
نفسك مع الوضع تخيل أنك داخل غابة يحكمها مجموعة من الذئاب وأنت مجرد نعجة
من قطيع النعاج تنتظر الذبح على موائد الذئاب ، فصارع من أجل البقاء
أنـواع الظـلم:
الأول ـ أن يظلم الناسُ فيما بينهم وبين الله تعالى
وأعظمه الكفر والشرك والنفاق، ولذلك قال تعالى: {إن الشرك لظلم عظيم}
(سورة لقمان:13)، وإياه قصد بقوله: {ألا لعنة الله على الظالمين} (سورة
هود:18).
الثاني ـ ظلم بينه وبين الناس
وبقوله: {إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ
وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُم عَذَابٌ
أَلِيمٌ} (سورة الشورى 42) .
الثالث ـ ظلم بين العبد وبين نفسه
وإياه قصد بقوله: {وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا
وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ}
(سورة الشورى:40) ، وبقوله: {إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ
يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ
أُوْلَئِكَ لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ} (سورة الشورى 42) .
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: «إن الله ليملي للظالم، حتى إذا أخذه لم يفلته، ثم قرأ: {وكذلك أخذ
ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد} » (رواه البخاري ومسلم).
وقال عليٌّ رضي الله عنه: «إنما أهلك من كان قبلكم أنهم منعوا الحق حتى استشرى، وبسطوا الجور حتى افتدى»
من أسـبـاب الظـلم:
( أ ) الشيطان: قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا
تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين} (سورة البقرة:208)، وقال: {استحوذ
عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله أولئك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم
الخاسرون} (سورة المجادلة:19).
(ب) النفس الأمارة بالسوء: قال تعالى: { إن النفس لأمارة بالسوء} (سورة يوسف:53).
(جـ) الهوى: قال تعالى: {فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا} (سورة النساء:135)،
وقال سبحانه: {وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي
المأوى} (سورة النازعات:40-41)، وقال جلَّ وعلا: {ولا تطع من أغفلنا قلبه
عن ذكرنا واتبع هواه} (سورة الكهف:28)
أسباب تعين على ترك الظلم وتعالجه:
1 ـ تذكر تنزهه عزَّ وجلَّ عن الظلم: قال تعالى: {من عمل صالحا فلنفسه ومن
أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد} (سورة فصلت:46)، وقال سبحانه: {إن الله
لا يظلم مثقال ذرة} (سورة النساء:40)، وقال: {وما الله يريد ظلما
للعالمين} (سورة آل عمران:108).
2 ـ النظر في سوء عاقبة الظالمين: قال تعالى: {وإن منكم إلا واردها كان
على ربك حتما مقضيا ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا} (سورة
مريم:71-72)، وقال سبحانه: {وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون}
(سورة هود:117)، وقال: {قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله بغتة أو جهرة هل
يهلك إلا القوم الظالمون} (سورة الأنعام:47).
3 ـ عدم اليأس من رحمة الله: قال تعالى: {إنه لا ييأس من روح الله إلا
القوم الكافرون} (سورة يوسف:87، وعن صفوان بن محرز قال: قال رجل لابن عمر
رضي الله عنهما: كيف سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في النجوى؟ قال:
سمعته يقول: «يدنو المؤمن يوم القيامة من ربه حتى يضع عليه كنفه، فيقرره
بذنوبه، فيقول: هل تعرف؟ فيقول: أي رب أعرف، قال: فإني قد سترتها عليك في
الدنيا، وإني أغفرها لك اليوم، فيعطى صحيفة حسناته، وأما الكافر والمنافق
فينادى بهم على رؤوس الخلائق: هؤلاء الذين كذبوا على الله» (رواه مسلم).
وحديث الذي قتل تسعة وتسعين نفسًا، والذي قال: «لئن قدر الله عليَّ
ليعذبني عذابًا لا يعذبه أحدًا من العالمين» (رواه البخاري ومسلم)، وغيره
شاهد على هذا المعنى.
4 ـ استحضار مشهد فصل القضاء يوم القيامة، قال تعالى: {وأشرقت الأرض بنور
ربها ووضع الكتاب وجيء بالنبيين والشهداء وقضي بينهم بالحق وهم لا يظلمون
ووفيت كل نفس ما عملت وهو أعلم بما يفعلون} (سورة الزمر:68-70).
5 ـ الذكر والاستغفار: قال تعالى: {والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا
أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا
على ما فعلوا وهم يعلمون} (سورة آل عمران:135).
6 ـ كف النفس عن الظلم ورد الحقوق لأصحابها: فالتوبة النصوح أن يندم
الإنسان بالقلب ويقلع بالجوارح، وأن يستغفر باللسان، ويسعى في إعطاء كل ذي
حق حقه، فمن كانت لأخيه عنده مظلمة، من مال أو عرض، فليتحلل منه اليوم،
قبل أن لا يكون دينار ولا درهم إلا الحسنات والسيئات، كما صح بذلك الخبر.
بعض آثار الظلم ومضاره:
الظلم يجلب غضب الرب سبحانه، ويتسلط على الظالم بشتى أنواع العذاب، وهو
يخرب الديار، وبسببه تنهار الدول، والظالم يُحْرَمُ شفاعة رسول الله صلى
الله عليه وسلم بجميع أنواعها، وعدم الأخذ على يده يفسد الأمة، والظلم
دليل على ظلمة القلب وقسوته، ويؤدي إلى صغار الظالم عند الله وذلته، وما
ضاعت نعمة صاحب الجنتين إلا بظلمه، {ودخل جنته وهو ظالم لنفسه قال ما أظن
أن تبيد هذه أبدا وما أظن الساعة قائمة ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيرا منها
منقلبا} (سورة الكهف:35-36)، وما دمرت الممالك إلا بسبب الظلم، قال تعالى:
{فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين} (سورة الأنعام:45)،
وقال تعالى عن فرعون: {فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم فانظر كيف كان
عاقبة الظالمين} (سورة القصص:40)، وقال عن قوم لوط: {فلما جاء أمرنا جعلنا
عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل منضود مسومة عند ربك وما هي من
الظالمين ببعيد} (سورة هود:82-83).